فصل: الغلط (24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)



.الغلط (24):

الآية الثالثة من الباب السادس من سفر التكوين هكذا: (فقال اللّه لن تكن روحي في الإنسان إلى الأبد لأنه لحم، وتكون أيامه مائة وعشرين سنة) فقوله وتكون أيامه مائة وعشرين سنة غلط، لأن أعمار الذين كانوا سالف الزمان طويلة جدًّا، عاش نوح عليه السلام إلى تسعمائة وخمسين سنة وسام ستمائة سنة وعاش أرفخشذ ثلثمائة وثمانية وثلاثين سنة، وهكذا، وفي هذا الزمان البلوغ إلى سبعين أو ثمانين أيضًا قليل.

.الغلط (25):

الآية الثامنة من الباب السابع عشر من سفر التكوين هكذا: (وسأعطي لك ولنسلك أرضَ غربتك: جميع أرض كنعان ملكًا إلى الدهر وأكون لهم إلهًا).
وهذا غلط أيضًا لأن جميع أرض كنعان لم تعط لإبراهيم قط، وكذا لم يعط لنسله ملكًا إلى الدهر، بل الانقلابات التي وقعت في هذه الأرض لم يقع مثلها في الأراضي الأخر، ومضت مدة مديدة جدًّا على أن زالت الحكومة الإسرائيلية عنها رأسًا.

.الغلط (26) و(27) و(28):

في الباب الخامس والعشرين من كتاب أرميا هكذا: (القول الذي كان لأرميا عن جميع شعب يهوذا في السنة الرابعة ليواقيم بن يوسيا ملك يهوذا، وهي السنة الأولى لبختنصر ملك بابل، 11 ويكون كل هذه الأرض قفرًا وتحيرًا وتعبد جميع هذه الأمم لملك بابل سبعين سنة، 12 وإذا تمت سبعون سنة افتقد على ملك بابل وعلى تلك الأمة يقول الرب بإثمهم وعلى أرض الكلدانيين وأجعلها قفرًا أبديًّا) وفي الباب التاسع والعشرين من الكتاب المذكور هكذا: (وهذه هي أقوال الكتاب الذي أرسل به أرميا النبي من أورشليم إلى بقايا مشيخة الجلاء وإلى الكهنة وإلى الأنبياء وإلى كل الشعب الذي سباه بختنصر من أورشليم إلى بابل) (من بعد خروج يوخانيا الملك والسيدة والخصيين ورؤساء يهوذا وأورشليم والصناع والحاضر من أورشليم). 10 (هكذا يقول الرب إذا بدأت تكمل في بابل سبعون سنة أنا أفتقدكم وأقيم عليكم كلمتي الصالحة لأردكم إلى هذا المكان)، والآية العاشرة في التراجم الفارسية هكذا ترجمة فارسية سنة 1838 (بعد انقضاي هفتاد سال در بابل من برشمار جوع خواهم كرد) ترجمة فارسية سنة 1845 (بعد ازتمام شدن هفتاد سال در بابل شمارا بازد يد خواهم نمود) (62) وفي الباب الثاني والخمسين من الكتاب المذكور هكذا 28 (هذا هو الشعب الذي أخلاه بختنصر في السنة السابعة ثلاثة آلاف وثلاثة وعشرين يهوديا) 29 (في السنة الثامنة والعشرين لبختنصر من أورشليم ثمانمائة وثلاثين نفسًا) 30 (في السنة الثالثة والعشرين لبختنصر أجلى بنور زادن قائد الجيش سبعمائة وخمسة وأربعين نفسًا، فجميع النفوس أربعة آلاف وستمائة) فعلم من هذه العبارات ثلاثة أمور: (الأول) (أن بختنصر جلس على سرير السلطنة في السنة الرابعة من جلوس يواقيم) وهو الصحيح وصرح به يوسيفس اليهودي المؤرخ أيضًا في الباب السادس من الكتاب العاشر من تاريخه فقال: (إن بختنصر صار سلطان بابل في السنة الرابعة من جلوس يواقيم) فإن ادعى أحد غير ما ذكرنا يكون غلطًا ومخالفًا لكلام أرميا عليه السلام، بل لا بد في اعتبار السنين أن تكون السنة الأولى من جلوس بختنصر مطابقة للسنة الرابعة من جلوس يواقيم (والثاني) أن أرمياء أرسل الكتاب إلى اليهود بعد خروج يوخانيا الملك ورؤساء يهودا والصناع، (والثالث) أن عدد الأسارى في الإجلاآت الثلاثة كان أربعة آلاف وستمائة وكان الإجلاء الثالث في السنة الثالثة والعشرين، فأقول: ههنا ثلاثة أغلاط: الغلط الأول: أن جلاء يوخانيا الملك ورؤساء يهودا والصناع كان قبل ميلاد المسيح، على ما صرح المؤرخون بخمسمائة وتسع وتسعين سنة، وصرح صاحب ميزان الحق في الصفحة 60 من النسخة المطبوعة سنة 1849 بأن هذا الإجلاء كان قبل ميلاد المسيح بستمائة سنة، وكان أرميا أرسل كتابه إليهم بعد خروجهم، فلا بد أن يكون إقامة اليهود في بابل سبعين سنة، وهو غلط لأنهم أطلقوا بحكم قورش سلطان إيران قبل ميلاد المسيح بخمسمائة وست وثلاثين سنة، فكان إقامتهم في بابل ثلاثًا وستين سنة، لا سبعين، وأنقل هذه التواريخ من كتاب مرشد الطالبين إلى كتاب المقدس الثمين المطبوع سنة 1853 في بيروت، وهذه النسخة تخالف النسخة المطبوعة سنة 1840 في أكثر المواضع على العادة الجارية في المسيحيين، فمن شاء تصحيح النقل فعليه أن يقابل النقل بعبارة النسخة المطبوعة سنة 1862 وهذه النسخة موجودة في كتبخانة جامع بايزيد بالأستانة، فأقول: في الفصل العشرين من الجزء الثاني في جدول تاريخي للكتاب المقدس من هذه النسخة المطبوعة سنة 1852 هكذا:
السنة قبل المسيح... سنة العالم 599... كتابة أرمية لليهود المأسورين هناك أي في بابل 536... وفاة داريوس المادي خال قوش وخلافة قورش مكانه على مادي وفارس وإطلاقه اليهود وإذنه لهم بالرجوع إلى اليهودية.
الغلط الثاني:
أن عدد الأسارى في الإجلاآت الثلاثة أربعة آلاف وستمائة، وقد صرح في الآية الرابعة عشرة من الباب الرابع والعشرين من سفر الملوك الثاني أن عشرة آلاف من الأشراف والأبطال كانوا في الإجلاء الواحد، والصناعون كانوا زائدين عليهم، والغلط الثالث: أنه يُعلم منه أن الإجلاء الثالث كان في السنة الثالثة والعشرين من جلوس بختنصر، ويعلم من الباب الخامس والعشرين من سفر الملوك أنه كان في السنة التاسعة عشرة من جلوسه.

.الغلط (29):

في الباب السادس والعشرين من كتاب حزقيال هكذا: (وكان في السنة الحادية عشرة في أول الشهر فكان إلى قول الرب: ها أنا ذا أجلب على صور بختنصر ملك بابل، مع خليل ومراكب وفرسان وجيش وشعب عظيم، وبناتك التي في الحفل يقتلهن بالسيف، ويحاصرك ويرتب حولك مواضع للمناجق، ويرفع عليك الترس، ويضرب بالمنجنيقة أسوارك وبروجك يهدمها بسلاحه ويدوس جميع شوارعك، ويقتل شعبك بالسيف ومناصبك الشريفة إلى الأرض، وينهبون أموالك ويسلبون تجارتك، ويهدمون أسوارك وبيوتك العالية ويخربونها، وحجارتك وخشبك وغبارك يلقونهن في وسط المياه، وأعطيتك لصخرة صفية وتصير لبسط الشباكات ولن تبنى) اهـ ملخصًا.
وهذا غلط، لأن بختنصر حاصر صور ثلاث عشرة سنة واجتهد اجتهادًا بليغًا في فتحها، لكنه ما قدر ورجع خائبًا ولما صار هذا الخبر غلطًا احتاج حزقيال عليه السلام إلى العذر والعياذ باللّه، وقال في الباب التاسع والعشرين من كتابه هكذا: (وكان في السنة السابعة والعشرين قول الرب إلى أن بختنصر استعبد جيشه عبودية شديدة في ضد صور، بحيث صار كل رأس محلوقًا، وكل كتف مجردًا وأجره لم يرد عليه، ولا بجيشه من صور، فلهذا أعطيت بختنصر أرض مصر يأخذ جماعتها ويسلب نهبها ويخطف أسلابها ويكون أجرًا لجيشه والعمل الذي تعبد به ضدها فأعطيته أرض مصر من أجل أنه عمل لي) اهـ ملخصًا.
ففيه تصريح بأنه لما لم يحصل لبختنصر ولعسكره أجر بمحاصرة الصور، وعد اللّه له مصر، وما علمنا أن هذا الوعد كان بمثل السابق، أم حصل له الوفاء، هيهات هيهات!! أيكون وعد اللّه هكذا أيعجز اللّه عن وفاء عهده؟.

.الغلط (30):

في الباب الثامن من كتاب دانيال هكذا: (ترجمة فارسية 1839) 13 (بس شنيدم كه مقدسي تكلم نمودو مقدسي ازان مقدس برسيدكه ابن رو يادر باب قراتي دايمي وكنه كاري مهلك به بايمال كردن مقدس وفوج تاكي باشد) 14 (مراكفت نادوهزاروسة صدروز بعده مقدس باك خواهدشد) (ترجمة عربية سنة 1844) 13 (وسمعت قديسًا من القديسين متكلمًا، وقال قديس واحد للآخر المتكلم لم أعرفه حتى متى الرؤيا والذبيحة الدائمة وخطية الخراب الذي قد صار وينداس القدس والقوة) 14 (فقال له حتى المساء والصباح أيامًا ألفين وثلثمائة يوم ويظهر القدس).
وعلماء أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين كافة مضطربون في بيان مصداق هذا الخبر، فاختيار جمهور مفسري البيبل من الفريقين أن مصداقه حادثة انتيوكس ملك ملوك الروم الذي تسلط على أورشليم قبل ميلاد المسيح بمائة وإحدى وستين سنة، والمراد بالأيام هذه الأيام المتعارفة، واختاره يوسيفس أيضًا.
لكنه يرد عليه اعتراض قوي هو أن حادثته التي يداس فيه القدس والعسكر كانت إلى ثلاثة (63) سنين ونصف كما صرح به يوسيفس في الباب التاسع من الكتاب الخامس من تاريخه، وتكون مدة ست سنين وثلاثة أشهر وتسعة عشر يومًا تخمينًا بالسنة الشمسية بحساب الأيام المذكورة، ولذلك قال (إسحاق نيوتن) إن مصداق هذه الحادثة ليس حادثة انتيؤكس، ولطامس نيوتن تفسير على أخبار بالحوادث الآتية المندرجة في البيبل وطبع هذا التفسير سنة 1803 في بلدة لندن، فنقل في المجلد الأول من هذا التفسير أولًا قول جمهور المفسرين، ثم رد كما رد إسحاق نيوتن، ثم قال إن مصداق هذا الخبر ليس حادثة انيتؤكس كما يعلم بالتأمل، ثم ظن أن مصداقه سلاطين الروم والباباؤن، (وسنل جانسي) كتب تفسيرًا على الأخبار بالحوادث الآتية أيضًا وادعى أنه لخص هذا التفسير من خمسة وثمانين تفسيرًا، وطبع هذا التفسير سنة 1838 من الميلاد، فكتب في شرح هذا الخبر هكذا: تعيين زمان هذا الخبر في غاية الإشكال عند العلماء من قديم الأيام ومختار الأكثر أن زمان مبدئه واحد من الأزمنة الأربعة التي صدر فيها أربعة فرامين سلاطين إيران، الأول: سنة 636 قبل ميلاد المسيح التي صدر فيها فرمان قورش، والثاني: سنة 518 قبل الميلاد التي صدر فيها فرمان دارا، والثالث: سنة 458 قبل الميلاد التي حصل فيها فرمان أردشير لعزرا في السنة السابعة من جلوسه.
والرابعة: سنة 444 قبل الميلاد التي حصل فيها لنحميا فرمان أردشير في السنة العشرين من جلوسه، والمراد بالأيام السنون ويكون منتهى هذا الخبر باعتبار المبادئ المذكورة على هذا التفصيل:
من الميلاد بالاعتبار الأول... بالاعتبار الثاني من الميلاد... بالاعتبار الثالث... بالاعتبار الرابع سنة 1764... سنة 1783... سنة 1843... سنة 1856.
ومضت المدة الأولى والثانية وبقيت الثالثة والرابعة والثالثة أقوى، وعندي هي بالجزم، وعند البعض مبدؤه خروج اسكندر الرومي على ملك إيشيا، وعلى هذا منتهى هذا الخبر سنة 1966. انتهى كلامه ملخصًا.
وقوله مردود بوجوه: الأول: أن ما قال إن تعيين مبدأ هذا الخبر في غاية الإشكال مردود، ولا إشكال فيه غير كونه غلطًا يقينًا لأن مبدأه لا بد أن يكون من وقت الرؤيا لا من الأوقات التي بعده. والثاني: أن قوله: المراد بالأيام السنون تحكم، لأن المعنى الحقيقي لليوم ما هو المتعارف، وحيثما استعمل اليوم في العهد العتيق والجديد في بيان تعداد المدة استعمل بمعناه الحقيقي، وما استعمل بمعنى السنة في موضع من المواضع التي يكون المقصود فيها بيان تعداد المدة ولو سلم استعماله في غير هذه المواضع على سبيل الندرة بمعنى السنة أيضًا يكون على سبيل المجاز قطعًا، والحمل على المعنى المجازي بدون القرينة لا يجوز، وههنا المقصود بيان تَعْداد المدة، ولا توجد القرينة أيضًا، فكيف يحمل على المعنى المجازي؟ ولذلك حمله الجمهور على المعنى الحقيقي ووجهوه بالتوجيه الفاسد الذي رده إسحاق نيوتن وطامس نيوتن وأكثر المتأخرين ومنهم هذا المفسر أيضًا.
والثالث: لو قطعنا النظر عن الإيرادين المذكورين نقول: إن كذب المبدأ الأول والثاني كان قد ظهر في عهده كما اعترف هو نفسه، وقد ظهر كذب الثالث الذي كان أقوى في زعمه، وكان جازمًا به وكذا كذب الرابع وظهر أن توجيهه وتوجيه أكثر المتأخرين أفسد من توجيه الجمهور القدماء، بقي المبدأ الخامس، لكنه لما كان قولًا ضعيفًا عند الأكثر ويرد عليه الإيرادان الأولان فهو ساقط عن الاعتبار، ومن يكون في ذلك الوقت يرى أنه كاذب أيضًا إن شاء اللّه.
وجاء القسيس يوسف وألف في سنة 1833 من الميلاد المطابقة لسنة 1248 من الهجرة في بلد لكهنؤ وكان يتمسك بهذا الخبر وبإلهامه الكاذب، وكان يقول: إن مبدأ هذا الخبر من وفاة دانيال والمراد بالأيام السنون، ووفاة دانيال قبل ميلاد المسيح بأربعمائة وثلاث وخمسين سنة، فإذا طرحنا هذه المدة من ألفين وثلثمائة يبقى ألف وثمانمائة وسبع وأربعون سنة فعلى هذا يكون نزول المسيح في سنة 1847 من الميلاد، ووقعت المباحثة فيما بينه وبين بعض علماء الإسلام وكلامه مردود بوجوه، لكنه لما ظهر كذبه ومضت مدة سبع عشرة سنة فلا حاجة إلى أن أطول رده، لعل القسيس الموصوف خيل له في خمار الخمر شيء فظنه إلهامًا. وفي تفسير دوالي ورجردمينت (أن تعين مبدأ هذا الخبر ومنتهاه قبل أن يكمُل مشكل فإذا كمل يظهره الواقع).
وهذا توجيه ضعيف أحق أن تضحك عليه الثكلى وإلا فيقدر كل فاسق أيضًا أن يخبر بمثل هذا الخبر إخبارات كثيرة بلا تعيين المبدأ والمنتهى، ويقول: إذا كملت يظهرها الواقع. والإنصاف أن هؤلاء معذورون لكون الكلام فاسدًا من أصله، ولنعم ما قيل: (لن يصلح العطار ما أفسد الدهر).